تقرير مبدئي عن احداث حراك 17 تشرين الاول 2019 / إعداد عضو اللجنة القانونية للجنة الدولية لحقوق الانس
- IHRC NEWSROOM
- Nov 5, 2019
- 5 min read

يشهد لبنان منذ تاريخ 17 تشرين الاول من العام 2019 اعتصامات خارج الاصطفافات الحزبية يعود سببها بالنسبة الى المتظاهرين الى فشل السياسة المالية و الاقتصادية المتعاقبة منذ العام 1991 و التي اثبتت فشل الطبقة السياسية في ادارة الحكم و ابرز دليل على فشلها هو تقدمها و خلال ثلاثة ايام بعد اندلاع الثورة بسلة اصلاحات اقتصادية لامتصاص غضب المتظاهرين الامر الذي رد عليه الاخيرين بانه كان من الواجب الاعتماد على السلة المذكورة في كافة الاعوام الماضية و ليس الانتظار الى حصول الانهيار و القاء تبعته على كاهل الشعب.
تكللت ثورة 17 تشرين الاول باعلان رئيس الحكومة استقالة حكومته بعد عدة ايام من اندلاع الثورة تحت تاثير ضغط الشارع .
سبق ثورة 17 تشرين الاول 2019 سلسلة احداث مفصلية سببت احتقان العديد من اللبنانيين وزادت من انعدام ثقتهم بالطبقة الحاكمة و منها الحرائق الحاصلة في الشوف و الجبل و قرى الجنوب والبقاع و التي امتدت لتطال المنازل الآمنة و المحال التجارية. و فوجئ اللبنانيون عندها بخبر تعطل طوافات استقدمت لهذا النوع من الحرائق و عدم وجود اية اعتمادات لصيانتها مما اضطر الحكومة اللبنانية الى استعارة بعض الطوافات من بعض دول الجوار، و لولى العناية الإلهية التي تجسدت بزخات المطر لإستمرت الحرائق. و هنا شعر اللبنانيون بمدى استخفاف ساستهم بامنهم و كانت ضريبة الستة دولارات امريكية على تطبيق الواتساب المجاني هي بداية الانتفاضة الشعبية مع ما رافقها من اعتداء لمرافقي وزير التربية على بعض المتظاهرين العزل، المشهد الذي استفز شعور اغلب اللبنانيين و كبرت كرة الثلج و بدأت الثورة و حددت مطاليبها بإسقاط النظام الحاكم عبر استقالة الحكومة و رئيس الجمهورية و حل المجلس النيابي و تشكيل حكومة اختصاصيين ( تكنوقراط) و الدعوة الى انتخابات نيابية مبكرة و عاجلة وفقا للقانون الاكثري ” لبنان دائرة انتخابية واحدة ” ، استرداد الاموال المنهوبة و غيرها من المطالب الشعبية الحياتية التي تعاملت معها السلطة الحاكمة بتجاهل دام لاكثر من ثلاثون عام .
منذ بداية انطلاق تلك الثورة دعت السلطة الحاكمة المتظاهرين الى تشكيل لجان للتفاوض معهم على مطاليبهم و بسبب عدم ثقة المتظاهرين بأي من رموز السلطة، تم رفض المبادرة و الاصرار على تقديم الإستقالات الجماعية و العمل على إجراء محاسبة جماعية على قاعدة ” كلن يعني كلن ” .
تم تحقيق اول مطالب المعتصمين و ذلك بإستقالة رئيس الحكومة و هدأت الاوضاع لمدة ثمانية و اربعون ساعة و عاد المعتصمون يفترشون الطرقات و ينادون برحيل كل من في السلطة و سلسلة من المطالب نعرضها تباعاً :
1 – اسقاط رموز النظام الحاكم ، وفقا لاحكام الفقرة د من مقدمة الدستور اللبناني التي تعتبر ان الشعب مصدر السلطات و صاحب السيادة يمارسها وفقا للاطر الدستورية ، و بعد انعدام الثقة برموز الطبقة السياسية احزاب و جماعات كان المطلب الاول للمتظاهرين و الثوار تغيير رموز السلطة الحاكمة تدريجيا عبر تشكيل حكومة اختصاصيين تسعى الى اجراء انتخابات نيابية نزيهة يتشكل فيها مجلس نيابي بعيدا عن الاصطفافات الحزبية التي لم تقدم للبلد سوى ديونا ترهق اهله لولد الولد .
2 – العدالة الاجتماعية التي لا يمكن ان تتحقق الا من خلال محاسبة عمومية شفافة تعيد المال المنهوب من مالية الدولة و تؤدي الى استقرار الاوضاع الاقتصادية .
3 – استقلالية السلطة القضائية كشرط مسبق للمحاسبة و استعادة المال المنهوب و غيرها من المطالب التي يرتفع سقفها يوما بعد يوم .
بعيدا عن اي تحليلات سياسية و بالاعتماد على المشاهدات الحسية الميدانية و استدلالا بالتقارير التلفزيونية و غيرها الواردة عبر وسائل التواصل الاجتماعي حيث نشطت كافة المحطات التلفزيونية اللبنانية الارضية بتغطية وقائع الثورة عبر النقل الحي المباشر 24/24، يمكن لنا تسجيل بعض الانتهاكات القانونية لحقوق الانسان و التي نأمل بمعالجتها في القريب العاجل من قبل المعنيين من متظهارين او ساسة و رموز حكم :
اولاً على صعيد حرية التظاهر :
شهدت الساعات الاولى لثورة 17 تشرين الاول 2019 بعض اعمال القمع للمتظاهرين من قبل القوى الامنية المولجة بحراسة مجلس الوزراء و مقر المجلس النيابي و من قبل بعض مرافقي وزير التربية حيث تم التقاط صورة لمتظاهرة تقوم بركل احد مرافقي الوزير المذكور بعد ان قام بالاعتداء على زملاء لها .
الممارسات القمعية للقوى الامنية تجسدت بالقاء القنابل المسيلة للدموع و إستخدام خراطيم المياه لتفريق المتظاهرين و التي سبق و ان شهدناها في مظاهرات سابقة دعى اليها الحراك المدني و توقيف بعض المتظاهرين حيث تم التداول على مواقع التواصل الاجتماعي بصورة تبين اعتقال بعض المتظاهرين و تثبيت رؤوسهم ارضا بغية اذلالهم قبل نقلهم الى المفارز الامنية و اخلاء سبيلهم بفضل ضغط الشارع كما و ضرب بعض المتظاهرين منما يسمون ” الطابور الخامس ” بسبب اعتدائهم على الممتلكات العامة و الخاصة و قيامهم بتكسير بعض واجهات المحلات و سرقة بعض محتوياتها.
من جهة النبطية و صور ، شهدت الايام الاولى من المظاهرة اعتداء مجموعات مسلحة على المتظاهرين لترهيبهم و كانت حجة المعتدين ان المتظاهرين يعتدون على المرافق الخاصة و العامة و سرعان ما تدخل الجيش اللبناني و فصل بين المتظاهرين و المعتدين عليهم .
من جهة اخرى و بسبب قطع الطرقات من قبل بعض المتظاهرين الامر الذي استفز بعض الافراد الذين تجمعوا و حشدوا و قاموا بضرب المتظاهرين مركزين على الفتيات منهن و حرق كافة الخيم الموجودة في ساحة رياض الصلح و بشارة الخوري و سرقة محتوياتها على مرأى من القوى الامنية التي لم تحرك ساكنا الى ان وصلت دوريات الجيش اللبناني و عملت على طرد الاشخاص الداخلين على المتظاهرين و توقيف عدد منهم .
ثانياً : على صعيد مخالفة القوانين البيئية :
خالف بعض المتظاهرين احكام القانون رقم 444/2002 ( حماية البيئة ) و ذلك بحرق الإطارات والنفايات و رمي النفايات خارج المستوعبات لاقفال الطرق علما بان تلك المخالفات تشكل جنحا منصوص عنها في المواد 58 و مايليها من القانون المذكور .
لطف بعض المتظاهرين من مخالفات بعضهم المذكورة اعلاه و ذلك بإعادة جمع النفايات و فرزها و ازالة مخلفات الحرائق الا ان آثارها لا زالت لغاية تاريخه ظاهرة للعيان .
ثالثاً : التعرض للحريات الشخصية ( حق التنقل و حق التعليم )
تعطي مقدمة الدستور اللبناني الحق لاي لبناني او اجنبي مقيم على الاراضي اللبنانية الحق بالتنقل و الاقامة بحرية و دون اية عوائق ، كما تعطي المادة العاشرة من الدستور اللبناني الحق في التعليم و هو حق مطلق لا يجوز المساس به تحت اية ذريعة كانت او اي سبب او مطلب كان .
تم التعرض لحرية التنقل و حرية التعليم من قبل بعض المتظاهرين الذين قاموا بقطع الطرقات منذ ساعات الفجر الاولى و حت ساعات الظهر و كان هدف قطع الطرقات منع المواطنين من مزاولة اعمالهم و منع التلامذة من الوصول الى المدارس و الطلاب من الوصول الى الجامعات و احيانا كان يتم فرض الخوات لتسهيل مرور السيارات و قد اوقفت دورية من الجيش اللبناني شخصا في منطقة خلدة كان يفرض الخوات على المواطنين لتسهيل مرورهم و المشهد الذي يكاد اي لبناني ان لا ينساه الا وهو التدقيق في الهويات من قبل بعض المتظاهرين الامر الذي اعاد لذاكرة بعض اللبنانيين همجية الحرب الاهلية .
رابعاً : التعرض للآداب العامة
كفلت المادة 13 من الدستور اللبناني حرية التعبير و ابداء الراي و لكن ضمن الأطر القانونية و للأسف شهدت بعض ساحات الاعتصام سبابا ممنهجا ، كلمة و لحناً ” هيلا هيلا هيلا هو …… ” الأمر الذي سبب بانسحاب عدد من المتظاهرين إستنكارا للسباب الحاصل .
اخيرا نود التذكير بأننا و كاعضاء في اللجنة القانونية للجنة الدولية لحقوق الانسان فرع لبنان، غير معنيين بأي تحليلات سياسية انما يتم التركيز على نقل المخالفات كما وصلتنا من مشاهداتنا على ارض الواقع و من خلال المحطات التلفزيونية و مواقع التواصل الاجتماعي بالتاكيد بعد التأكد من صحة أي خبر وارد فيها و أن التقرير الحالي هو تقرير مبدئي عن الإنتهاكات لحقوق الانسان في ثورة 17 تشرين الاول 2019 منذ اليوم الاول للثورة و حتى تاريخه و سوف نقوم باعداد تقرير نهائي او تقارير اخرى عند الحاجة .
عضو اللجنة القانونية للجنة الدولية لحقوق الانسان فرع لبنان
المحامي محمد زياد رمضان
Comentários